يحكي فيلم النكبة للمخرجة روان الضامن من إنتاج ونشر قناة الجزيرة الإخبارية، من خلال أرشيف ووثائق تعرض لأول مرة وعلى مدى أربع ساعات قصة النكبة الفلسطينية منذ عام 1799 وحتى اليوم، أنتج الفيلم بمناسبة مرور الذكرى الحادية والستين لنكبة فلسطين والذي يضم الأجزاء الأربعة للنكبة بداية من خيوط المؤامرة ثم سحق الثورة على جميع الأصعدة وبعد نجاح الخطة بدأ التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، ومازالت إلى الآن النكبة مستمرة في الضفة وفي قطاع غزة، فما أشبه اليوم بالبارحة.
يبرز فيلم النكبة بأجزائه الأربعة، المخطط الصهيوني التدريجي لاحتلال أرض فلسطين، فقد بدأ التفكير في المشروع الاستيطاني منذ عام 1799 في عكا على يد نابليون بونابرت، ثم بعد ذلك قامت أول مستوطنة ورفع فيها العلم الإسرائيلي، مولها البارون روتشايلد سنة 1885، وساهم ب 14 مليون فرنك لإنشاء 30 مستعمرة يهودية. لم يتوانى بعد ذلك هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في نشر أفكاره التوسعية الاستعمارية، فنظم مؤتمر بازل بسويسرا سنة 1897، وكان الهدف منه تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، فبدأ الصندوق القومي اليهودي سنة 1909 بشراء الأراضي وإخلائها من الفلاحين الفلسطينيين المقيمين بها وتعويضهم بيهود شرق اوروبا وتكليفهم بحراسة المستوطنات. حذر مجموعة من المفكرين الفلسطينيين من هذا التوسع المهول لليهود لكن أفكارهم قمعت وحوربت.
في سنة 1917، تم توقيع الوعد المشؤوم وعد بلفور، وتبعته اتفاقيات أخرى لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين. بعد الحرب العالمية الأولى وصل التغلغل البريطاني أشده، فحقق لليهود مجموعة من الامتيازات منها: اعتبار العبرية لغة رسمية واعتماد اليهود نظام تعليمي مستقل، بالإضافة إلى تكليفهم بأهم الوزارات والسماح لهم بجيش عسكري منفصل.
في كل عام يزداد الاختراق الصهيوني أضعافا مضاعفة، ليصل عدد اليهود سنة 1925 إلى 33801 وذلك بعد أن تم بناء 13 مستوطنة، شن المواطنون الفلسطينيون مجموعة من الإضرابات لتهديد الحكومة البريطانية، لكنها باءت بالفشل، وتم تفكيك اللجنة العربية العليا برئاسة الحسيني، فنفي البعض، وهرب البعض، وقتل البقية سنة 1937.
بعد ذلك ازداد السعار الصهيوني، فنظمت عصابات صهيونية تفجيرات في الأسواق والأماكن العمومية، وازداد العنف والشغب ودست أفكار التطهير العرقي بين المستوطنين، وتم تجنيد فيالق وفرق منظمة، في نفس الوقت، كرست بريطانيا جهودها لقمع المناضلين بوضع كمائن وإعدام الثوار، وترهيب البقية. كما قامت الاستخبارات البريطانية بتكثيف عملية التجسس في القرى وتحديد التفاصيل الدقيقة عن نوعية الأراضي والثروات وغنى السكان، ومدى سهولة احتلال كل قرية واستغلوا ضيافة الشعب الفلسطيني لمعرفة كيفية دخول كل شبر من هذه الأراضي.
في سنة 1946، انقلب اليهود على البريطانيين، فلم يسلموا من الاغتيالات والتهديدات والتفجيرات التي شملت مقر سكناهم وثكناتهم العسكرية، والفنادق ومقرات الشرطة وتمت هذه العمليات بقيادة عصابات صهيونية كالهاجانا والإرغون. وفي سنة 1948، عسكرت الوكالة اليهودية 35 ألف جندي من الهاجانا، و10 آلاف مقاتل من وحدات كوموندوس البالماخ وعصابتي الإرغون وشتيرن، في المقابل تبقى 2500 من الثوار الفلسطينيين و 4000 من الجيش العربي أطلق عليهم “جيش الإنقاذ”، فكان مقابل كل مجاهد عربي 6 يهود مدججين بأعتى الاسلحة. انسحب البريطانيون من فلسطين ليلا وسلموا أسلحتهم وثكناتهم العسكرية للصهاينة فلم تبق لهم أي سلطة في المنطقة.
بدأت المذابح في القرى الفلسطينية في التاسع من أبريل سنة 1948، في قرية دير ياسين فجرا وذبح الصهاينة حتى الظهر 100 فلسطيني وتبعتها مدينة طبرية وعكا وحيفا ويافا فتم تهجير الفلسطينيين وإعدام البقية، لتصل الحصيلة سنة 1949، احتلال 11 مدينة وتدمير قرابة 500 قرية واحتلال أكثر من 100 قرية بقيت دون تدمير، واستشهاد 13 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 30 ألف وتهجير 850 ألف فلسطيني شكلوا %85 من مساحة المنطقة التي احتلتها دولة إسرائيل، قام الصهاينة بهدنة مع الشعوب العربية بعد اعتراف أمريكا أمام الأمم المتحدة باستقلال إسرائيل يوم 14 ماي 1948.
اليوم يعيش أكثر من 5 ملايين فلسطيني مهجرون خارج وطنهم يعيش ثلثهم أوضاعا مزرية في 58 مخيمات للاجئين، فيما تعيش القدس تهويدا وأسرا يتزايد يوما بعد يوم في ظل الاختراق الصهيوني للمسجد الأقصى وإغراقه بالأنفاق شرقا وغربا، ودس حفريات مزيفة في متاحف صهيونية، أما الوثائق السرية والملفات الحقيقية عن تاريخ الأرض والسكان الأصليين فقد تم إخفاؤها لتبقى أرشيفا يحتفظ به الاحتلال خوفا من انكشاف عورته يوما من الأيام.
بقلم : حفصة ساف

موضوع موفق، أحسنت الاختيار…
مقال أكثر من رااااائع وسرد محبك ومتقن … بكل صدق ذة. حفصة… لقد استطعت أن ترسمي لنا صورة حية لمعاناة الفلسطينيين ونضالهم المستمر… مقالكم هذا ملهم لنا _نحن الشباب _للتفكير بعمق أكثر في فلسطين ومقاومة، شعبها، الدائمة. وفقكم الله لكل خير ونسأل الله الفرج العاجل لإخواننا، أوصى نفسي وإياكم بكثرة الدعاء لأهل غزة وفلسطين.
حفضك الرحمان قلمك كتب مايجب ان يكتب
وفقك الله حبيبتي